آخر الأخبار

مواطنو السويد المسلمين بعد سحب الثقة من الحكومة

2021-06-22

SDN

2021-06-21

لأول مرة في تاريخ السويد تُسحب الثقة من الحكومة، ولأول مرة في تاريخ السويد يتحالف أقصى اليسار( حزب اليسار V) مع أقصى اليمين (حزب ديمقراطيي السويد SD) من أجل إسقاط حكومة الحزب الديمقراطي الاشتراكي (S) القريب فكريًا وأيديولوجيًا منه. حيث صّوت اليوم الاثنين (21/06/2021) 181 عضواً في البرلمان بـ”نعم” هم: حزب المحافظين (M)، وحزب ديمقراطيي السويد (SD)، وحزب اليسار (V)، والحزب المسيحي الديمقراطي (KD)، مقابل 109 صوتوا بـ”لا” وهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم (S)، وحزب الوسط (C)، فيما امتنع 51 عضواً عن التصويت منهم حزبي البيئة (MP) والليبرالي (L)، في جلسة سحب الثقة عن الحكومة السويدية بقيادة ستيفان لوفين رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي (S).  

اتفاق يناير 2018 وبداية الأزمة:

بعد الانتخابات البرلمانية عام 2018 ، لم تستطع الكتل البرلمانية – ناهيك عن الأحزاب – من تشكيل الحكومة بمفردها، ما اضطر الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي حصل على أعلى نسبة من الأصوات  28.1% أن يعقد اتفاقاً عابراً للكتل البرلمانية؛ سمي باتفاق يناير 2019، وتحالف مع أحزاب خارج تحالفاته التقليدية كحزبي الوسط والليبراليين، بالإضافة إلى حزبي البيئة واليسار، واستطاع جمع أكثر من (195) صوتاً وشكّل الحكومة. وشمل اتفاق يناير عدداً من البنود حول القضايا المشتركة بين هذه الأحزاب المختلفة فكريّاً وأديولوجيّاً مقابل بعض التنازلات من قبل الحزب الاشتراكي (S). وقد وقّع حزب اليسار على هذا الاتفاق متحفظاً على عدد من النقاط، منها مقترح تعديل قانون العمل، و اقتراح تحرير أسعار الإيجارات في المباني الجديدة، بينما تمسكت بهما الأحزاب المتحالفة الأخرى، حيث وضعت رئيس الوزراء في موقف صعب محاولاً إرضاء شركائه في الاتفاق. وقد استطاع لوفين تمرير مقترح تعديل قانون العمل بعد أن أوجد حلاً توافقيّا بين النقابات وأرباب العمل؛ أرضى من خلاله حزب اليسار، ولكنه لم يستطع أن يجد حلاً لقضية تحرير أسعار الآجارات يرضي به حزب اليسار.

أزمة تحرير أسعار الآجارات بين الحكومة وحزب اليسار:

في (15/06/2021) أمهلت رئيسة حزب اليسار نوشي دادغوستار حكومة لوفين 48 ساعة لسحب مقترح تحرير أسعار الآجارات (متحجة أنّ هذا المقترح سيزيد من أسعار أجارات البيوت على الطبقات الفقيرة والمهمشة في البلاد)، أو أن تذهب إلى سحب الثقة من الحكومة. لكن الحكومة ردت بأنها لن تسحب المقترح على اعتبار أنها ملتزمة به وفقًا لاتفاق يناير مع الأحزاب الأخرى، ودعت إلى إجراء محادثات مع جمعيات حماية المستأجرين حول هذه القرار، لكن دادغوستار لم تقبل بذلك، ومضت في قرارها سحب الثقة من الحكومة، حيث استطاعت دعوة البرلمان يوم الاثنين (21/06/2021 ) بالتحالف مع الأحزاب اليمينية وتمكنت من إسقاط الحكومة كما أسلفنا.

ماذا بعد إسقاط الحكومة:

بعد قرار سحب الثقة من الحكومة، إما أن يقدم رئيس الحكومة استقالته، أو أن يدعو إلى انتخابات مبكرة. وفي حال الاستقالة يتعين على رئيس البرلمان تكليف رئيس وزراء جديد من رؤساء الأحزاب، مسخدماً في ذلك أربع محاولات فقط، وفي حال فشله ستتم الدعوة إلى انتخابات مبكرة، علماً أن الموعد الاعتيادي للانتخابات في عام 2022.

مواطنو السويد المسلمين والحكومة المقبلة:

في انتخابات 2018، كل الأحزاب كانت تتحاشى التحالف مع حزب ديمقراطيي السويد (SD) الذي حصل على 17.6 % على اعتبار أنه عنصري؛ فلو تحالف حزب المحافظين اليميني (M) – في ذلك الوقت – الذي حصل على 19.8 % مع حزب ديمقراطيي السويد (SD) بدعم من الأحزاب اليمينية الأخرى لاستطاع تشكيل الحكومة؛ لكنه كان يخشى من أنصاره الرافضين للتحالف مع هذا الحزب العنصري. أما اليوم فقد تغيرت المعادلة فحزب ديمقراطيي السويد ارتفعت شعبيته، حيث أشارت بعض استطلاعات الرأي إلى أن شعبيته تتجاوز 25%، وصرحت العديد من الأحزاب عن نيتها التحالف معه في الانتخابات القادمة مثل المحافظين (M) والليبراليين (L) والمسيحي الديمقراطي (KD)، فلو تم التحالف في الانتخابات القادمة بين هذه الأحزاب اليمينية سيتمكنون من تشكيل الحكومة بكل أريحية بقيادة حزب المحافظين (M).  إذاً السويد تتجه نحو اليمين واليمن المتطرف فالأحزاب اليمينية التي كانت في المعارضة (M,SD,L,KD ) اتخذت عدة قرارات عنصرية في البلديات التي تحكمها منها قضايا منع الحجاب في المدارس للطلاب والموظفين كما في بلدية سكوروب جنوب البلاد، والدعوة إلى إغلاق المدارس الخاصة الإسلامية،تصاعد الخطاب العنصري والمتطرف ضد الإسلام والمسلمين كان آخرها وصف سكرتير حزب ديمقراطيي السويد بأن “الإسلام دين مقرف”، ومحاربة بناء المساجد، ناهيك عن المواقف المتشددة من اللاجئين والمهاجرين والدعوات إلى سحب الإقامات منهم وترحيلهم إلى بلادهم، كل هذه التصريحات والمواقف كانت وهم في المعارضة فكيف ستكون قراراتهم بعد تشكيلهم الحكومة ويصبحون أصحاب القرار؟ وهذا لا يعني أنّ حكومة لوفين لم تتجه في بعض الأحيان إلى اليمين محاولة إرضاء الأحزاب اليمينية والأحزاب التي وقعت على اتفاق يناير من خارج التحالف التقليدي، فحكومته من أصدر قرار الإقامة المؤقتة، وقرارات لم الشمل المعقدة، وأغلق العديد من المدارس الإسلامية الخاصة وغيرها من القرارات.

الآن مواطنو السويد المسلمين يشكلون ما نسبته من 10 – 15 % من الناخبين السويديين؛ أي أنهم أصبحوا قوة انتخابية مرجحة، ولكنهم كانوا في الانتخابات السابقة إما زاهدين في المشاركة الانتخابية، أو أنهم مشتتين بين الأحزاب السياسية المختلفة، لا سيما اليسار والاشتراكي والبيئة، وذلك قبل جنوح أغلب الأحزاب السياسية بما فيهم الاشتراكي الديمقراطي (S) نحو اليمين. أما اليوم وبعد هذا الجنوح الكبير نحو اليمين واليمين المتطرف أصبحت المشاركة في الانتخابات واجبة على مواطني السويد المسلمين في المرحلة المقبلة، لاختيار الممثلين الأكفاء المناصرين لقضاياهم والمطالبين بحقوقهم، ويجب التفكير مليًّا بخطورة عدم المشاركة التي ستؤثر على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم.